شرح الرموز اللاهوتية
اللاهوت كتفسير للرموز الإنجيلية
الإنجيل يمثل خبرة "مدمجة" compact مع الله، مقدمة لنا في صورة هذا الخبر أو تلك الرسالة. اللاهوت هو عملية تفسير و"فك" هذه الخبرة المدمجة كمن يفتح حقيبة ملابس ويخرج منها العديد من الملابس ليلبسها في مناسبات متعددة. هذه الملابس تناسب عصوراً متعددة وتتحدث إلى قضايا عصرية مختلفة، واضعين في اعتبارنا تلك الهوة التفسيرية بين النصوص القديمة والفهم العصري، سوف نتأمل تعريف اللاهوت النظامي باعتباره تفسيراً معاصراً للرموز التاريخية. وسوف نتأمل هذا التعريف في ضوء وظيفتين للاهوت وهما الوظيفة التفسيرية فاللاهوت النظامي يحاول أن يشرح محتوى ومعنى الإيمان المسيحي بطريقة أمينة للرموز الأولية الموجودة في الكتاب المقدس. أما الوظيفة الثانية فهي الوظيفة البنائية. اللاهوت النظامي يحاول أن يقدم أكفأ الشروح وأكثرها معنى وقابلية للفهم للبنية الأساسية للواقع بصورة يشترك فيها اللاهوتي مع معاصريه الذين يعيشون معه في نفس الإطار الزمني. ربما منهم الفلاسفة أو علماء النفس أو الاجتماع أو الناشطين في حقوق الإنسان أو الفنانين. يسمي بعضهم هذا "التطبيق" ولكنه أكثر من التطبيق ففيه بناء وتحول وتغيير
سبعة مبادئ لشرح وتفسير الرموز الإنجيلية
المبدأ الأول: وضع قوانين الإيمان. قوانين الإيمان هي مختصرات للإيمان المسيحي. منذ قانون الإيمان الرسولي والنيقوي، كانت قوانين الإيمان تقسم إلى ثلاثة أقسام وفقاً للثالوث. هذا التقسيم لم يفرضه الكتاب المقدس ولا أي سلطة أخرى، ولكنه نما بصورة تاريخية تلقائية.
في هذا الكتاب، يقدم تيد بيترز بعد المقدمة جزءاً بعنوان:
ينبوع الخليقة .... وهذا يقابل المادة الأولى من قانون الإيمان النيقوي و الرسولي المختص بالله الآب.
أما الجزء الخاص ... بالتذوق الباكر للخليقة الجديدة فهو يقابل المادة الثانية من قوانين الإيمان المختصة.. بالابن والجزء الخاص بحياة الخليقة الجديدة فيقابل المادة الثالثة المختصة بالروح القدس والكنيسة والدهر الآتي. ثم يقدم بيترز فصلاً أخيراً بعنوان Proleptic co-creation أي المشاركة الاستباقية في الخلق. وهي تتناول تحدي التعددية والأخلاقيات الاجتماعية The challenge of pluralism and social ethics
المبدأ الثاني: المبدأ النظامي Systematic Principle اللاهوت النظامي بطبيعته البنائية له طابع تخميني، فهو نظام فكري يتميز بالتأمل الحدسي. إلا أنه تخمين مسئول. وتكمن هذه المسئولية في أن يكون النظام متسقاً مع بعضه البعض وفلسفياً سليم ويحاول أن يقدم شرحاً كافياً للواقع.
المبدأ الثالث: المبدأ المسكوني Ecumenical Principle لأمانة للنص الكتابي تجعل اللاهوت مسكونياً أكثر من كونه طائفياً أو كنسياً. مهما كانت ثقافاتنا المحلية، تستطيع الرموز الكتابية أن تربطنا بمجتمع القديسين حول العالم وعلى مدى القرون.
حتى القرن الرابع، جمعت الرموز الكتابية وتفسيراتها التي تمت في قانون الإيمان النيقوي والرسولي حولها كل المؤمنين في العالم حتى نهاية القرن الرابع الميلادي. المبدأ المسكوني يؤكد على الوحدة في إطار مساندة التعددية.
المبدأ الرابع: مبدأ المسايقة Contextualization
يقوم اللاهوتيون بتفسير الرموز الكتابية مع الانتباه الواعي لفهم الواقع السائد حولهم في سياق ما. السياق context هو مفهوم الواقع السائد في إطار حضاري ما. الإطار الحضاري الذي نحاول أن نفسر فيه هنا هو ذلك الإطار المتنامي للوعي البعد حداثي. لكنه من البديهي أن اللاهوت النظامي بمفهومه البنائي يمكن ويجب أن يراعي كل عصر وثقافة سواء كانت تعيش في السذاجة الأولى أو إعادة البناء البعد نقدي. هكذا يعد مبدءا المسايقة من ناحية والمسكونية من ناحية أخرى كقطبين مكملين لبعضهما البعض. المسايقة الأصيلة، هي تلك النابعة من لقاء حقيقي بين كلمة الله وعالم الله، والتي تتحرك نحو هدف تحدي وتغيير الموقف من خلال التأصل والأمانة للحظة التاريخية التي تتم فيها هذه المسايقة. بكلمات أخرى لا يقوم السياق باستبدال النص وإنما يفسره. من هذا المنطلق لا يمكن للعلم الأمين لحقائق العالم دون محاولة فرض نظريات (علم النفس مثلاً) أن يتعارض مع اللاهوت الأمين لحقائق الرموز الكتابية أن يتعارضا حيث لا يمكن أن تتعارض كلمة الله مع عالم الله.
المبدأ الخامس: مبدأ التورط Engagement Principle
يجب أن يكون الفكر البنائي متورطاً في الفهم الأساسي للواقع الذي يشير للسياق أو الإطار الثقافي والتاريخي الذي يعمل فيه. على سبيل المثال، لا ينبغي للمسيحيين الصينيين فقط أن "يعمدوا" الكونفوشية وإنما يتورطون معها في حوار وإعادة تقييم نقدي لهذا الفكر في ضوء الرموز المسيحية. وهذا بالضبط ما فعله المسيحيون الأوائل مع الفلسفة الأفلاطونية.
العالم يحاول أن يعرف الحقيقة و يعرف نفسه من خلال الحكمة البشرية، ونحن نؤمن بإعلان الله عن نفسه من خلال الرموز الكتابية، ونؤمن بسيادة هذا الإعلان على العقل البشري لكوننا نؤمن بقدرات وفساد هذا العقل في الوقت نفسه. لذلك لكي نقدم هذا الإعلان للعالم علينا أن ندخل في حوار بين الحكمة البشرية بما فيها من فلسفة وعلم نفس وأديان من ناحية والرموز الكتابية من ناحية أخرى
تطبيق هذا المبدأ في هذا الكتاب يتعامل مع الفهم الحداثي السائد والبعد حداثي المتنامي في الغرب. هذا المجهود لا يقتصر على الغرب لكون الوعي البعد حداثي يتميز بالكونية والعولمة. حيث أن العلاقة الجدلية بين الحفاظ على كيان الثقافة المحلية من ناحية وفي نفس الوقت التأكيد على وحدة الكيان البشري العالمي من ناحية أخرى، هي جزء لا يتجزأ من الوعي المعاصر.
المبدأ السادس: مبدأ النقد الذاتي Self-Criticism Principle
يبدأ هذا المبدأ بالسؤال: هل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحاً، إلي أي مدى هو كذلك؟ ما هو البديل للالتزام المسيحي؟ هل هذه البدائل أفضل؟ وهذا المبدأ يستدعي التفكير النقدي لفلسفة الدين إلى بيت اللاهوت النظامي.
هذا المبدأ يفتح الباب للتفسير المبني على الشكHermeneutic of suspicion في هذا نسأل أنفسنا إن كانت مواقفنا اللاهوتية على سبيل المثال تخدم مصالح طبقة معينة؟ أو إن كانت رموزنا اللاهوتية تخدم مصالح ذكورية أو أبوية تقهر المرأة؟ هل تلعب الكنيسة دوراً تغييبياً تخديرياً يؤدي إلى تنويم الروح الثورية؟ هذا الوعي النقدي الذاتي يساعدنا دائماً على تنظيف بيتنا من الداخل. هذا الوعي النقدي هو أكثر من مجرد تقنية فكرية، وإنما هو منبثق أساساً من لاهوت الصليب.
هذا اللاهوت الذي يبدأ من إحباط أتباع يسوع الذين كانوا يحلمون أن نجار الناصرة هذا سوف يصبح ذلك القائد الثوري الذي كانوا يحلمون به لتخليصهم من الرومان، بعضهم كانت أحلامه أكبر من ذلك، فكانوا يحلمون أن يكون هو الملك المسياني الذي سوف يدخل بهم إلى العصر الأخروي ومجد ملكوت الله الأبدي. ولكن كيف تحطمت كل هذه الأحلام على صخرة الجلجثة. لقد جاء الصليب محبطاً ومتحدياً لأحلام وتفسيرات البشر. لم يتصرف الله كما كان الجميع يتوقعون. لذلك فإن تفسير "رمز" الصليب دائما يدعونا لأن نثق في الله والله فقط ونقبل أن يتحدى الله كل أحلامنا وتفسيراتنا و عقائدنا "المقدسة" ويتصرف كما يريد هو!
المبدأ السابع: مبدأ الكفاية التفسيرية Explanatory adequacy
مبدأ الكفاية التفسيرية هو المقياس لنجاح ذلك اللاهوت البنائي في ساحة التنافس بين الرؤى المختلفة للعالم، سواء كانت علمانية أم دينية. ينبغي أن نتساءل: هل تقدم الرؤية المسيحية منظوراً أكثر تكاملاً وشمولية وتلقي ضوءاً أفضل من الرؤى الأخرى على خبرة الإنسان بنفسه وبالعالم وبالله؟ كيف يمكننا أن نحكم على أي نسق لاهوتي، إن كان كافياً أم لا؟ أظن أن النسق اللاهوتي يصبح له معنى إذا توافرت فيه أربعة سمات وهي:
1) قابلية التطبيق
2) الشمولية
3) المنطقية
4) الاتساق
من حيث قابلية التطبيق نقصد وجود أمثلة من الخبرة الإنسانية المعاصرة فيها ينطبق هذا اللاهوت على الواقع ويؤثر فيه. على سبيل المثال، هل يقود هذا اللاهوت برامج تُحسن بالفعل من وضع الإنسان الروحي والنفسي والمادي والاجتماعي.
هل يجعل الإنسان أكثر تكاملاً وصحة؟ هل يجعل الأسر أكثر ملائمة؟ هل يجعل المجتمع أفضل اقتصادياً؟ هل يجعل المجتمع أفضل أخلاقياً؟ هل يجعل في المجتمع فرصة أكثر للضعفاء، ويخلّصه من الظلم والعزل والوصم؟ هل يواجه المشكلات الإنسانية الأكثر صعوبة والتي تتضافر فيها عوامل متعددة روحية ونفسية وثقافية واقتصادية؟
- كيف يؤثر اللاهوت في تعامل المجتمع الذي يتبناه مع قضايا التمييز المبنية على الجنس أو اللون أو الدين أو ا لنوع (ذكر/أنثى)؟
- كيف يؤثر اللاهوت في تعامل المجتمع الذي يتبناه مع قضايا حقوق الطفل و المرأة؟
- كيف يؤثر اللاهوت في تعامل المجتمع الذي يتبناه مع قضايا العدالة الاجتماعية والحرية والفرص المتساوية أمام الجميع؟
- كيف يؤثر اللاهوت في تعامل المجتمع الذي يتبناه مع الأمراض المجتمعية التي لها أبعاد روحية ونفسية وسياسية وحقوقية (مثل الإيدز والإدمان)؟
- كيف يتبنى موقفاً متزناً من القضايا الجدلية مثل قضايا الحرب والسلام، الجنسية المثلية، الزواج والطلاق، الخ..
أما من حيث الشمولية فأقصد (تيد بيترز) قدرة هذا النسق اللاهوتي على تفسير كل جوانب الواقع الإنساني المُختَبَر. بالطبع، نظراً لمحدودية المفكر الذي يستخدم هذا النسق، لن يمكن في كل وقت من الأوقات تفسير كل جوانب الواقع، ولكن النسق اللاهوتي الكافي هو ذلك النسق المرن الذي القادر على توليد تفسيرات جديدة في كل عصر تبعاً لتنوع وتخلق العديد من الخبرات الإنسانية وتنامي قدرة الإنسان على التعامل مع واقعه.
عند هذه النقطة بالذات أود (أوسم) أن أشير إلى مثال في النظرة اللاهوتية المسيحية لقضايا التمييز والعدالة الاجتماعية. أولاً يجب أن نعترف أن الكتاب المقدس له دائماً بعدين: البعد الإنساني الاجتماعي المباشر، الذي يخاطب به المستمعين الأولين، والبعد الروحي الأبدي الذي يخاطب به البشر في كل العصور من خلال الرموز القابلة للترجمة والتفسير اللاهوتي في كل عصر وخلفية ثقافية. ومن صور كفاية النسق اللاهوتي المسيحي هو كون هذان البُعدان وإن اختلفا ظاهرياً باختلاف العصور، لا يتناقضان جوهرياً.
على سبيل المثال، لم يهاجم العهد الجديد العبودية صراحة، بل أوصى العبيد أن يطيعوا سادتهم. ذلك لأن الظرف الاجتماعي والاقتصادي في ذلك الوقت لم يحتمل مهاجمة الرق بشكل واضح وصريح، و إلا ينهار النسق الاجتماعي و الاقتصادي كله. ولكن فتح الباب لحرية العبيد، من خلال مبدأين في غاية القوة "خبأهم" الروح القدس في العهد الجديد كقنابل موقوتة ريثما يأتي وقت انفجارها وهما: "لقد اشتريتم بثمن فلا تكونوا عبيد الناس." والثاني هو: " ليس عبد أو حر في المسيح." إن كان هناك عبد وحر عند الناس، فلا عبد وحر عند المسيح. ثم أوصانا أن نصلي أن يأتي ملكوته على الأرض، ولتكن مشيئته كما في السماء (عند الرب) كذلك على الأرض (عند الناس). وبالفعل جاء عصر الاستنارة وجاءت الثورة الصناعية، فهب رجال مسيحيون أتقياء قادوا حركة تحرير العبيد.
بالمثل، في العلاقة بين الرجل والمرأة، لم يكن ممكنا ً المناداة با لمساواة الكاملة، بل كان يجب وجود وصايا مثل: "لتهب المرأة رجلها" و "أيها النساء اخضعن لرجالكن." و "الرجل رأس المرأة". لأن النظام الاجتماعي اليهودي والأممي اليوناني لم يكن ليستوعب بعد مبدأ المساواة الكاملة. ولكن وضع الوحي أيضاً قنابل موقوتة في الكتاب المقدس بدءاً من "معيناً نظيره" في سفر التكوين وحتى العهد الجديد حيث يقول كما أنه ليس عبد أو حر في المسيح، ليس هناك أيضاً "ذكر و أنثى" و " كونوا جميعاً خاضعين لبعضكم البعض." الموقف العجيب المتناقض، هو أننا عندما نقرأ وصية " أيها العبيد اخضعوا لسادتكم." نعترف بسهولة بأنها "آية" تنتمي للبعد الزمني الاجتماعي الذي لم يعد ينطبق على عصرنا وبالتالي، نعبر بها الهوة التفسيرية ونترجمها إلى علاقة العمال بأصحاب العمل. لكن عندما نأتي إلى وصية " أيها النساء اخضعن لرجالكن." لا نفعل الشيء نفسه، وإنما نقبلها بشكل حرفي. هل لأن علاقة العبد والسيد انتهت، بينما علاقة الزوج والزوجة لا تزال موجودة.؟ ربما! لكن ألم يأت الوقت الذي فيه ترتفع فيه هذه العلاقة للمستوى الروحي الذي قصده الله. ألم تنضج البشرية، للدرجةالتي فيها تستوعب المبادئ الروحية التي لم تكن تستوعبها في أجيال سابقة من الظلم والتمييز. كان المفترض الآن كما تحرر العبيد أن تحرر المرأة بنفس الدرجة، ولكن ردة لاهوتية وحضارية حدثت. حيث تآمرت علينا الثقافة البدوية من ناحية، مع الأصولية الحرفية المسيحية من ناحية أخرى لتجعل من ينادي بالحرية الكاملة للمرأة زنديقاً كافراً غير مؤمن بوحي وسلطان الكتاب المقدس !!!!
بالنسبة للشمولية نعني أنه لا توجد خبرة إنسانية ذات معنى لا يستطيع هذا النسق اللاهوتي تفسيرها. بالطبع بسبب محدودية الفكر الإنساني، لا يمكن تفسير كل ما هو في الواقع، إلا أن النسق اللاهوتي الكافي هو نسق مرن ومنفتح وقادر على استيعاب خبرات جديدة واستدماجها في النسق اللاهوتي بأمانة لكل من الواقع المعاصر والرموز التاريخية. الصفة التعددية للإطار الحضاري بعد الحداثي الذي نعيش فيه تشكل تحدياً كبيراً للاهوت النظامي حيث أنه هناك أنظمة رموز عديدة تحاول أن تفسر خبرة الإنسان مع الواقع وكلها تدّعي أنها تقدم التفسير الأكثر كفاية.
وبالنسبة للمنطقية، نعني أن اللاهوت ينبغي أن يحاول أن يكون غير متناقض جوهرياً. إن كان الواقع يقدم نفسه دائماً في صورة سرّية أو متناقضة ظاهرياً Paradoxical فإن النسق اللاهوتي الذي يحاول أن يفسره يجب أن يتعاطى مع هذه الحقيقة بالحذر اللازم والإيمان بأن الوجود له صفة من الغموض والتوتر والجدل بين أمور تبدو متناقضة ولكنها متحققة معاً. المنطق لا يتطلب أن يكون الواقع دائماً سهلاً وكل الأسئلة مجابة وكل المطبات قابلة للتمهيد، ولكنه يتطلب ألا يكون هناك تناقضاً جوهرياً. فمثلاً لا يمكن للشيء أن يكون موجوداً وغير موجود في نفس الوقت ، لكنه من الممكن أن يكون موجودأً في أكثر من حالة في نفس الوقت. (قوي وضعيف، سعيد وحزين، الخ)
العهد الجديد مليء بهذا البعد الجدلي للوجود فطبيعة المسيح نفسها جدلية فهو الإنسان الكامل والإله الكامل في نفس الوقت ورسالة الخلاص هي رسالة الموت الذي يؤدي للحياة وبولس يكرر في مرات عديدة كيف أن القوة هي في التسليم بالضعف والحكمة الحقيقية هي في الاعتراف بعدم المعرفة. لذلك علينا أن نتعاطى مع الأسئلة اللاهوتية كما يقول العهد الجديد دائماً بوداعة وخوف، وليس بتصلف من يظن أنه قادر على الإجابة عن كل الأسئلة.
أخيراً الاتساق هو أن يكون هناك تكامل وتجانس بين المبادئ المختلفة داخل النسق الواحد بحيث يمكن الدخول لهذا النظام المتسق من أي باب من الأبواب والوصول لكل ما في ذلك "لبيت" الفكري دون أن يكون هناك طرقاً مسدودة. فالكل يؤدي إلى الكل
إذاً اللاهوت ليس هو مجرد التفسير، ولكنه التفسير في سياق الظرف الواقعي المعاصر. أي أنه جعل الرموز الكتابية بما فيها من معاني روحية أبدية، تتعامل مع الواقع في كل عصر وتعمل فيه وتغير فيه. الهدف من اللاهوت النظامي ليس فقط فهم النص الكتابي ولكن أيضاً فهم الواقع باستخدام مصباح كلمة الله. اللاهوت يؤمن أن كلمة الله وإن كانت مخبأة في نصوص عتيقة إلا أنها تحمل نوراً يجعلنا نرى الواقع الذي نعيش فيه الآن بصورة أفضل. اللاهوت هو الذي يخرج هذا المصباح من غلافه التاريخي لكي يجعله ينير في كل عصر.
No comments:
Post a Comment