Saturday, December 5, 2009

تعليق ورد



جاءني التعليق التالي على هذه المدونة:

د أوسم
يبدو أنك تحب دينك كثيرا ويبدو أنك صريح ولا تحب الكذ على نفسك فرأيت أن تفهم دينك كما هو ولا تدعى غيره
وقد ذكرت أن الله ثالوث أب له وظيفة الخلق وابن له وظيفة الرحمة وتبليغ الرسالة وروح قدس يكون بها الحياة
وأنا الآن أسالك أليست هذه هى عقيدة فلاسفة اليونان من قبل مع اختلاف مسمياتها
كما أسألك أليس هذا دليل على عجز كل إله بالاستقلاق عن الآخر
كما أسألك لو اختلفوا الثلاثة فمن الذى ينتصر ويحقق مراده هذا على افتراض
أرجو أن أكون قد فهمت كلام وإلا فأرجو التوضيح


حاولت أن أرد بتعليق فلم أتمكن. ربما لطول تعليقي فحولته إلى تدوينة. في البداية أنا لست أقصد تغيير دين أحد فهذه ليس دوري أو مهمتي. ولكنني فقط أحببت أن أرد على صديقي وأدفع عن نفسي تهمة الوثنية. وشكراً لمن سوف يقرأ وشكراً لمن سوف يتفاعل بأي طريقة بما في ذلك الهجوم والإهانة والله يهدي من يشاء سواء السبيل.



عزيزي الذي اخترت لنفسك اسم "التوحيد" فنِعم الاسم ونِعم الإيمان. أولاً أشكرك على القراءة والاهتمام. القضية ليست ديني ودينك وإنما القضية معرفة الله الحقيقي. بالطبع لا يعني الثالوث ثلاثة آلهة لكل منها وظيفة مثل الوثنية اليونانية، ولا أقول "فلاسفة اليونان" ففلاسفة اليونان العظام كانوا يؤمنون بالتوحيد ويقاومون الوثنية وتعدد الآلهة مثل سقراط الذي لهذا السبب مات شهيداً. الثالوث يعني ثلاثة أوجه في جوهر الله الواحد.
الله الذي ليس كمثله شيء المنزه حتى عن المعرفة نسميه الآب (وهذا تشبيه لكون الأب هو المصدر وبداية الأسرة) ولكن الله بالرغم من كونه منزه متعالي، هو أيضاً متنازل متكلم. هذا الوجه المتنازل المتواصل من الله نسميه الله "الكلمة" أو "الابن" (وبالطبع هذا لا يعني حمل وولادة وإنما لأن الابن هو الذي يعلن عن الأب ويحمل صفاته ويمكن للأب أن يرسله ليبلغ مشيئته). الله "الكلمة" كلم الإنسان من خلال الأنبياء عبر العصور. ثم في وقت محدد قرر أن يكلمنا بنفسه فتجسد "كلمة" الله أو "عقل الله" بشراً سوياً في رحم عذراء. وُلِد ميلاداً معجزياً لم يحدث لأحد، وعاش حياة معجزية لم يعشها أحد فلم يغفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولم يمسسه الشيطان حين وُلِدَ. ثم توفاه الله ثلاثة أيام بعدها قام قيامة معجزية ورفعه الله إليه وهو حيّ للآن. لأن كلمة الله لا تموت وعقله شمس لا تنطفئ، ربما تختفي عنا لبعض الوقت، لكنها سوف تعود وتشرق في آخر الزمان. فهو ليس ميت كما نحن ميتون ولكنه قال: "إني أنا حيّ فأنتم ستحيون". الله أيضاً حيّ ويحيي بروحه الكون كله وهو قادر أن يرسل روحه فيخلق ويحلّ في كل مكان وزمان وفي قلب كل إنسان يعبده.

إنه الله الموجود بذاته متعالياً عن كل الكون، وهو المتكلم بكلمته الذي يكلم الإنسان، وهو الحيّ بروحه الذي يمد الكون والبشر بالحياة. هو الآب والابن و الروح القدس. إله واحد. وهو ليس ثلاثة آلهة لها وظائف متعددة ويمكن أن تتصارع. هي ثلاث وجوه لشخصية الله الواحد.

الإنسان الواحد أيضاً به أكثر من وجوه لشخصيته. مثل عدة برامج لتشغيل حاسب آلي واحد. فنقول مثلاً أن هناك شخصية "الطفل" في الإنسان وهي الجانب الذي يتميز بالتلقائية والمرح والإبداع ويميل للأخذ، وهناك شخصية "الراشد" وهو الجانب الذي يراعي المنطق والواجبات ويتزن بين العطاء والأخذ، وهناك شخصية "الوالد" التي تميل للعطاء والرعاية. فتخيل معي مثلاً مجموعة من الرجال الراشدين الذين يحتلون مناصب مرموقة في المجتمع قرروا أن يخلعوا حللهم الفاخرة ويرتدون "الشورتات" ليلعبوا مباراة في الكرة. في ذلك الوقت تكون الجانب "الطفل" في الصدارة حيث لا يهتمون بشيء إلا بإدخال الكرة في المرمى. وبينما تحتل شخصية "الطفل" الصدارة لا تزال هناك أيضاً شخصية الراشد موجودة فالإنسان كل متكامل، وعندما يتذكر أحدهم مثلاً موعد عمله، تنشط شخصية الراشد فيترك الملعب ويرتدي حلته ويذهب إلى عمله، واضعاً شخصية الطفل في الخلفية ومؤجلاً اللعب لوقت آخر. في نفس الوقت توجد أيضاً الشخصية الثالثة، شخصية الوالد في الخلفية، فإذا أصيب أحد اللاعبين، فمن الممكن أن تتوارى شخصية الراشد أيضاً فينسى هذا الرجل عمله ويأخذ المصاب إلى المستشفى. هنا تظهر شخصية الوالد في الصدارة وتتوارى شخصية كل من الطفل والراشد.

إذا كان هكذا الإنسان البسيط الذي خلقه الله على صورته (على صورة الله خلقه) فكم بالحري الله. الله ليس بسيطاً الله يجمع فيه كل شيء التعدد والوحدانية في انسجام يفوق قدرة عقولنا البشرية على الاستيعاب. الله المنزه يتنازل ويخلق ويتكلم وهو في نفس الوقت منزه ومتعالي. هو الله الحيّ المحيي الذي يحلّ في كل الكون وفي نفس الوقت هو متعال ومنفصل عن كل الكون.

هذا الاتزان العجيب يفشل الإنسان كثيراً في فهمه واستيعابه، مرة بعبادة آلهة متعددة ينسب إليها وظائف متعددة، ومرة بعبادة إله واحد بسيط بعيد مخيف غير متواصل. أما نحن فنعبد الإله الثالوث الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد. ولكنه المتنزه المتكلم. الروح المتجسد. الذي يهدي من يشاء.

6 comments:

التوحيد said...

دكتور أوسم
لا يملك أحد منا على إجبار غيره لتحويل دينه ومن يفعل هذا فهو غبي بالتأكيد إذ أن الدين معتقد خفى قد لا يظهره الإنسان عند الخوف
ولكننا في هذه الحياة لكى نعبد الله حتى نستحق دخول الجنة فى الآخرة
وأول عبادة لله هى التوحيد الذى ينافي الشرك ولا يغفر الله الشرك لأحد فقال تعالى في القرآن "نَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ" لهذا نسعى لفهم ذات الله تعالى وكيفية توحيده الحق
ولذلك أود أن أعلق
أولا: إن الله الذى خلقنا وخلق عقولناوخلق فيها قوة الإدراك ولا يمكن أن يأمرنا الله بشئ فوق طاقتنا وقد أمرنا بتوحيده فلابد أن تكون عقلية الإنسان البسيط جدا قادرا على فهم تلك العقيدة من نغير لبس ولا تحريف
فكان لابد أن تكون عقيدة التوحيد عقيدة سهلة في فهمها وقد ذكرت في مقالك الله ليس بسيطاً الله يجمع فيه كل شيء التعدد والوحدانية في انسجام يفوق قدرة عقولنا البشرية على الاستيعاب
ثانيا: إذا نظرت نظرة متأنية في مقالك فإنك قد عبرت بألفاظ مناقضة لا يمكن أن تجتمع عند العقل البشري وأى شئ لا يستوعبه العقل البشر فلابد عليه من دليل من مصدر إله
ومن هذه الأشياء أن الله واحد وثلاثة
وضربك للماثل غير صحيح فإن الإنسان تجتمع فيه عدة غرائز أو وجوه كما سميتها ولكنها من الممكن أن تتعارض وتختلف فالأب مثلا وهو والد يرى ابنه يلعب ويريد أن يلعب معه من جه الفولة وفي نفس الوقت يريد أن يوجه ابنه للمذاكرة من أجل الامتحانات وعلى أحدى الشخصيتين أن تنتصر
كما أن الآب لا يمكن أن يكون وجه للابن في آن واحد وأى صفة يتصف بها الله لابد أن تكون له على الدوام لا تنفصل عنه أبدا بخلاف الإنسان فإنه عند وصفه بشئ ينزع عنه نقيضه
ومنها أنك ذكرت أن كلمة الله قد ماتت ولإن هذا مخالف للفطرة أدركت هذا بما لديك من فطرة فذكرت أن كلمة الله لم تمت وإن كنت عبر فى الأولى أن الله قد توفاها ولكن الوفاة في هذا الموضع هى الموت وذكرت أن الذى توفاها هو الله مع أن الكلمة أنت تؤمن أنها الله
هذه بعض التعليقات ولم استطع أن أكمل لأنى شعرت أنى قد أضلت وأشكرك للاهتمام

Dr. Awsam Wasfy said...

ليس الإيمان بالتعدد والوحدانية فوق طاقتنا والمثل الذي سقته عن الإنسان واضح لمن يريد أن يفهم.

العقيدة معقودة ونميل إلى تغيير كل شيء ليلائمها ولابد أن يضع الله في قلوبنا توقاً معيناً لكي نفحص عقائدنا

معك حق صفات الله لا تتغير الله آب وابن وروح قدس من الأزل إلى الأبد والإنسان
أيضاً
الإنسان عندما يكون أب لا يتوقف عن أن يكون ابن وعندما يكون راشد لا يتوقف عن أن يكون طفل وهذه نظرية نفسية معروفة. ليس الأمر صعب على من يفكر ولكنه صعب على من لا يريد أن يفكر ويتأمل . الله بسيط لمن يتفكر في الدنيا وفي نفسه ومن لا يريد لن يرى إلا ما يريد أن يراه


بالطبع كلمة الله لا يموت وإنما ما حدث للمسيح هو موت ظاهري للجسد ليظهر في حياة جديدة لا تموت. وهذا يحدث في الطبيعة عندما يبدو أن البذرة تموت تحت باطن الأرض لكنها تتحول إلى شيء جديد هو نبات له ساق وأوراق وأزهار والدودة يبدو أنها ماتت داخل الشرنقة لكنها تخرج فراشة ذات أجنحة وهذا هو ما حدث للمسيح وهو إعلان لنا عن مستقبل من يؤمنون بذلك فسوف يتغيرون إلى وجود جديد كما حدث للمسيح. هذا الوجود الجديد يحيا مع الله للأبد. ليست "الجنة" أكلاً وشرباً وإنما هي تغيير إلى وجود جديد حدث للمسيح ورآه تلاميذه بعيونهم ولمسوه بأيديهم وشهدوا عنه ذلك لدرجة أن كلهم (عدا واحد) ماتوا شهداء. لم يموتوا شهداء في حرب لفتح بلاد أو الفوز بنساء وإنما فداء شهادة حق رأوها وقالوها وماتوا دونها.

هذا هو الإثبات التاريخي الذي يجعلنا نصدق أشياء تبدو صعبة لمن يريد أن يكون سطحياً ويعبد إلهاً يستطيع أن يضعه في صندوق.

الله ليس سهلاً ولكنه يكون سهلاً لمن يريد أن يؤمن ومن يريد أن يؤمن يقبل ما يقوله الله ويعلنه وليس ما يوافق عقله الصغير. لقد أعلن الله هذا في المسيح الذي مات وقام ورآه تلاميذه مقاماً وشهدوا عن ذلك وآمن الناس بذلك لأنه رأوا آيات ومعجزات وشهد الله في قلوبهم بدون حروب.

لم يحملوا سيفاً ولا أخذوا لأنفسهم جواري لكن شهدوا بما رأوه وماتوا فداء هذه الشهادة . من يريد الحق سوف يعلن الله له ومن يريد أن يجعل ما يصدقه هو الحق سوف يظل يعبد عقله
والله يهدي من يشاء

التوحيد said...

دكتور أوسم
أنت تقول أشياء وتشبيهات ليست صحيح في جنب الله فإن الأب من الممكن أن يكون ابن في نفس الوقت لأن له أب أخر فهو ابن مع أبوه وأب مع ابنه ولكنه ليس من الممكن أن يكون أب وابن في وقت واحد وموقف واحد وتصرف واحد
كما أنك قلت ما نصه "أن يؤمن يقبل ما يقوله الله ويعلنه وليس ما يوافق عقله الصغير" وأنا أوافقك في هذا فإن ذات الله ليس من الممكن معرفتها بالعقول ودخولها تحت الإدراك المجرد بل لابد أن نعتمد فيها على ما أخبرنا الله به عن نفسه لأنه غيب والغيب لا يعلم إلا بالإخبار وأنا أتكلم هنا على ذات الله وهنا أريد منك دليل على أن الله قال أنه ثلاثة وجوه أب وابن وروح قدس
مع الاعتبار أن الدليل لابد أن يكون يقيني لا يقبل الشك لآن المسألة تتعلق بذات الله تعالى
شاكرا على سعة الصدر والهتمام بالرد

magedreda said...

اخوتى الاحباء د. اوسم وتوحيد لقد اعجبنى حواركم وجذبنى بل ودفعنى الى المشاركة برأيى البسيط المتواضع عسى ان يفيد ويثرى الحوار . لقد طلبت اخى توحيد ان تعرف اين قال الله انه ثلاثة وهذا هو اقتباسك (وهنا أريد منك دليل على أن الله قال أنه ثلاثة وجوه أب وابن وروح )
وليسمح لى د . اوسم ان اجيب طلبك .يكفيك اخى توحيد ان تقرأ الانجيل بحسب يوحنا وسترى كم كبير من الايات فى كل صفحات الانجيل منها ما هو تلميح ومنها ما هو تصريح تتكلم عن الابن وعلاقته بالاب وعمل الروح القدس وليكن قلبك مفتوحا قبل عقلك فكم من اناس مثلك يبحثون عن الحق صادقين ولكن تصدمهم عقيدة الثالوث واحب ان اختم واقول ان قبولنا او رفضنا هذه العقيدة ليس مبنيا على فهمى وفهمك او ادلتى وادلتك وانما على عمل الله فى داخل كل منا وتجاوبنا معه واسمح لى ان اسالك بحكم منهجك العقلى والمنطق الذى تريد ان تحتكم اليه حين كلم الله موسى متجليا فى العليقة فى سيناء هل كان صوته مسموعا ام لا ؟ وان كان الصوت خارجا من الله فيجب ان يكون ايضا له صفات الله من حيث اللامحدودية فهل سمعه احد اخر فى اسيا مثلا او اوربا وان لم يسمعه احد فبماذا تفسر محدودية وجود الله فى تلك البقعة وكيف حصر نفسه فى ذاك المشهد مع موسى يكلمه هناك وكيف كان يعتنى بالعالم والكون والخليقة كلها فى تلك اللحظة ؟ اسمعك تجيب انه الله القادر على كل شئ ولا نستطيع ان نفهم ولا نفسر كيف حدث ذاك انها اجابة مقنعة وبسيطة وكافية وتكفى ايضا للرد على تساؤلاتك بخصوص الثالوث

واشكركم واعتذر عن الاطالة

majed sayyed said...

دكتور أوسم أنا لست علامة في الدين ، ولكن أريد أن أطرح عليك الفرض التالي محمد و أحمد و محمود هم ثلاثة توائم متطابقين ، لو ارتكب أحمد جريمة قتل فهل يجوز أن نشنق بدل منه محمد أو محمود ؟ طبعا جوابك لا ، غريب ؟ لماذا تقول لا مع أنهم نفس الصورة ؟ الجواب ببساطة لإنهم ثلاثة أشخاص مستقلين و منفصلين ومهما حاولت أن تجادل فلن تقنع أحدا بأن محمد و أحمد و محمود هم شخص واحد فلن تتمكن من إقناع أحد بذلك ، فهم إذن ثلاثة أشخاص مستقلين تجمهم صورة واحدة ، وهذا الأمر ينطبق تماما مع الثالوث ، فهو ثلاثة أشخاص مستقلين تجمعهم صورة واحدة ، وليس العكس أي شخص واحد يتجلى في ثلاثة صور وفي هذا السياق أنصحك بضرورة الإطلاع على مناظرة العلامة أحمد ديدات مع القس جيمي سواغرت ، مع تحياتي

Dr. Awsam Wasfy said...

عزيزي ماجد أحترم فيك أنك دؤوب في محاولة معرفة الحق. إذا كنت متاكد من وجهة نظرك وليس لديك أي شك فهنيئاً لك وإن كنت تبحث عن الحق وتؤمن أن الله سبحانه وتعالى هو الحق فاسأله أن يعلن لك الحق فإن كان هو موجود وقادر على الكلام سبحانه فهو قادر أن يتكلم إليك بالطريقة التي تصل مباشرة إلى قلبك وعقلك.
الإيمان لا يأتي بالإقناع عزيزي وإنما بالإعلان . بأن يعلن الله لنا الحق في أرواحنا
جزاك الله خيراً

 
google-site-verification: google582808c9311acaa3.html